responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 236
وَالتَّأْكِيدُ بِ إِنَّ مُنَاسِبٌ لِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يَرَوْا تِلْكَ الْآيَاتِ، فَأَكَّدَتِ الْجُمْلَةُ الدَّالَّةُ عَلَى انْتِفَاعِ الْمُؤْمِنِينَ بِتِلْكَ الدَّلَالَةِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ مُوَجَّهٌ لِلَّذِينِ لَمْ يَهْتَدُوا بِتِلْكَ الدَّلَالَةِ، فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يُنْكِرُ أَنَّ فِي ذَلِكَ دَلَالَةً لِلْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ يَنْظُرُونَ بِمِرْآةِ أَنْفُسِهِمْ.
وَبَيْنَ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ عَدَمَ رُؤْيَتِهِمْ تَسْخِيرَ الطَّيْرِ وَبَيْنَ إِثْبَاتِ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ لِذَلِكَ مُحَسِّنُ الطباق. وَبَين نفي عدم رُؤْيَة الْمُشْركين وتأكيد إِثْبَات رُؤْيَة الْمُؤمنِينَ لذَلِك محسّن الطِّبَاقِ أَيْضًا. وَبَيْنَ ضَمِيرِ يَرَوْا وَقَوْلِهِ: «قَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» التَّضَادُّ أَيْضًا، فَحَصَلَ الطِّبَاقُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَهَذَا أَبْلَغُ طِبَاقٍ جَاءَ مَحْوِيًّا لِلْبَيَانِ.
وَجَمْعُ الْآيَاتِ لِأَنَّ فِي الطَّيْرِ دَلَائِلَ مُخْتَلِفَةً: مِنْ خِلْقَةِ الْهَوَاءِ، وَخِلْقَةِ أَجْسَادِ الطَّيْرِ مُنَاسِبَةً لِلطَّيَرَانِ فِي الْهَوَاءِ، وَخَلْقِ الْإِلْهَامَ لِلطَّيْرِ بِأَنْ يَسْبَحَ فِي الْجَوِّ، وَبِأَنْ لَا يَسْقُطَ إِلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِرَادَتِهِ. وَخُصَّتِ الْآيَاتُ بِالْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُمْ بِخُلُقِ الْإِيمَانِ قَدْ أَلِفُوا إِعْمَالَ تَفْكِيرِهِمْ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى حَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ، بِخِلَافِ أَهْلِ الْكُفْرِ فَإِنَّ خُلُقَ الْكُفْرِ مَطْبُوعٌ عَلَى النُّفْرَةِ مِنَ الِاقْتِدَاءِ بِالنَّاصِحِينَ وَعَلَى مُكَابَرَة الحقّ.
[80]

[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 80]
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (80)
هَذَا مِنْ تَعْدَادِ النِّعَمِ الَّتِي أَلْهَمَ اللَّهُ إِلَيْهَا الْإِنْسَانَ، وَهِيَ نِعْمَةُ الْفِكْرِ بِصُنْعِ الْمَنَازِلِ الْوَاقِيَةِ وَالْمُرَفَّهَةِ وَمَا يُشْبِهُهَا مِنَ الثِّيَابِ وَالْأَثَاثِ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئاً [سُورَة النَّحْل: 78] . وَكُلُّهَا مِنَ الْأَلْطَافِ الَّتِي أَعَدَّ اللَّهُ لَهَا عَقْلَ الْإِنْسَانِ وَهَيَّأَ لَهُ وَسَائِلَهَا.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 236
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست